أحقر القوانين
فادي عبود
Friday, 10-Jan-2025 06:23

حاولت حكومة تصريف الأعمال تمرير مشروع قانون مشبوه المتعلق بمعالجة أوضاع المصارف في لبنان وإعادة تنظيمها. وفي هذا السياق، نوجّه تحية للوزير الشريف عصام شرف الدين الذي عارض طرح القانون وانسحب من الجلسة، وأبدى تحفظاً على المشروع لأنّه يتعارض مع أحكام الدستور، واعتبره «إبادة جماعية».

نعم، هذا القانون هو إبادة جماعية. إذ يهدف إلى شطب جزء كبير من الودائع تحت حجة المؤهلة وغير المؤهلة، كما استمرار تشحيد المودع بعضاً من أمواله لفترة تمتد إلى 15 عاماً.

أولاً، إنّ حكومة تصريف الأعمال غير مؤهلة لإحالة مشاريع قوانين جذرية ومصيرية، وحتى لو كانت حكومة أصيلة فإنّ إعداد هكذا قانون حقير يُفقدها الشرعية لأنّه يتعارض مع الدستور اللبناني الذي يحمي الملكية والحقوق.

ولننطلق من عنوان القانون «معالجة أوضاع المصارف»، وسؤالنا كيف يتمّ إقرار قانون قبل الإطّلاع على أوضاع المصارف بطريقة علمية ودقيقة، أي الأسئلة التي وجّهناها إلى المصارف مراراً ورفض الجميع الغَوص في حسابات المصارف لمعرفة ما قيمة الودائع التي كانت لديها؟ وماذا أخذ المصرف المركزي منها؟ وماذا أرجع؟ إلخ...

رفضت المصارف فتح حساباتها والإجابة عن هذه الأسئلة، وذلك يجعل شكوكنا مشروعة بأنّها سرقت أموال الناس، وكنا قد أوضحنا أنّنا لا نريد إفلاس المصارف، لكن نريد الحقيقة حول ما حصل بالأرقام لودائع الناس.

وبدل أن يصارحوا الناس، استمرّوا بوسائل غير قانونية بتقليص الودائع وشراء معظم الإعلام والمسؤولين لتبييض صفحتهم، والخروج من الأزمة من دون محاسبة حقيقية.

وتأتي الطبقة السياسية لتشارك في ذبح المودع بدل الدفاع عن حقوقه. لكن نقول لمَن يعتقد أنّ هذه القضية ستموت وسيتمّ نسيانها عبر قوانين حقيرة، لقد أصبحت هذه السرقة الفضيحة محفورة في ذاكرة الشعب.

فلكل مَن سرق مال الناس، ومَن غطّى عليه من المسؤولين، ومَن سكت متفرّجاً، لقد أورثتم أولادكم صيت «المال المنهوب»، والظلم والسيئات لا تُنسى وتبقى في الذاكرة الجماعية للشعوب إلى أن يحين وقت المحاسبة.

ختاماً، نتقدّم من فخامة الرئيس جوزاف عون بالتهنئة لمناسبة انتخابه رئيساً للجمهورية اللبنانية. ونقول له إنّنا نضع آمالاً كبيرة في قيادتكم الحكيمة ونتمنى لكم النجاح في ترسيخ الاستقرار والإزدهار.

كما نود أن نشكر فخامتكم على تعهدكم الواضح في خطاب القَسَم بحماية أموال المودعين، لأنّ إعادة أموال المودعين بأسرع وقت ممكن هي الخطوة الأولى والأساسية لإعادة الإزدهار في لبنان.

كما نثمّن عالياً تعهّدكم بتطبيق الشفافية، إنّ الشفافية المطلقة هي السبيل الوحيد للحَدّ من الفساد والهدر. والشكر على نقاط أخرى وردت في الخطاب سنأتي على ذكرها في المقال المقبل.

الأكثر قراءة